بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للّهِ.. والصَّلاةَ والسَّلاَمَ علي سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ.. وعَلَى آلِهِ صحبِهِ ومَنْ وَالاَه.. وبعد..
فأحييكم جميعاً بتحية الإسلام.. فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.. إن لربكم في دهركم لنفحات، ألا فتعرّضوا لها، فأكثروا من العمل الصالح..
إن هذه الليالي العشر من أوائل ذي الحجة أيامٌ مباركةٌ.. أقسم الله بها في كتابه العزيز، فقال تبارك وتعالي:
(وَالْفَجْرِ{١} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{۲}) (سورة الفجر)
فإذا أقسم الله بعظيمٍ، لابد أن يأتي بعده أعظم.. إنها لَيَالٍ قال فيها رسولنا الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلي الله من هذه الليالِ العشرِ.."
قالوا: "والجهاد يارسول الله..؟" قال: "والجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسهِ ومالهِ فلم يرجع من ذلك بشيءٍ..!!"
فيامَنْ حبسه عذره عن حَجِّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَام.. اعلموا أن إخوانكم في هذه الأيام.. قد عقدوا الإحرام..
وقصدوا البَيْت الْحَرَامِ.. ورفعوا أصواتهم بالتهليلِ والتحميدِ والتكبيرِ والإعظام.. وأنتم وإن بعدتم عن ذلك المقام.. فارغبوا بقراءة القرآن.. والصلاة بالليل والناس نيام.. وبإطعام الفقراء والمساكين والأيتام.. ارغبوا إلي ربكم بصلة الأرحام.. والدعاء والتبرع إلي الرحيم الرحمن.. فإنه معروفٌ بالفضل والإنعام.. وموصوفٌ بالجود والإحسان..
واعلموا أن بين أيديكم يوم عرفة(يوم التاسع من ذي الحجة).. يومٌ صومه سُنَّة عن نَبِيِّكُم المختار.. وكفارةٌ لسنةٍ ماضيةٍ، والآتيةِ، من الذنوب والأوزار.. يومٌ تسكب فيه العبرات.. وتقال فيه العثرات.. وترتجي فيه الطلبات.. وتغفر فيه السيئات..
فوا أسفاه لمن أبعدته خطاياه عن ذلك المقام العظيم.. وأقعدته عن أهل عرفات قبائح الآثام..!!
فتعرضوا عباد الله لنفحات ربكم بالتبرع والإستغفار.. ودوام ذكره بالعشي والإبكار.. لعلها تشملكم بركة القبول مع الواقفين.. ويعود عليكم عظيم الرحمة مع الطائفين والعاكفين..
جعلنا الله وإياكم من الفائزين الآمنين.. وجنبنا وإياكم موارد الظالمين..
آمين.. يَارَبَّ الْعَالَمِينَ..
لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.. لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ.. إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ.. لَا شَرِيكَ لَك..